بغداد/ يوسف فعل
الوفاء والولاء مفردتان أصبحتا في خبر كان في عالم الاحتراف الذي يحكمه المال حيث لم يعد لهما وجود في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي نسمع يوميا بحكايات عن انتقالات اللاعبين في مختلف أرجاء المعمورة با ارقام خيالية تصل الى ملايين اليوروات والدولارات مثل صفقتي كاكا وكريستيان رونالدو مع ريال مدريد وانتقال ابراهيموفتيش من انتر ميلان الى برشلونة الاسباني ، وغيرها من الصفقات التي تسعى الاندية من ورائها الى استقدام اللاعبين الجيدين القادرين على جلب الانتصارات والأفراح في آن واحد، لكن تلك الانتقالات في دول العالم المتطور احترافيا تجرى وفق قوانين صارمة وبطريقة واضحة من دون لبس او تحايل او تلاعب بالألفاظ والكلمات لكسب التعاطف من الآخرين والعزف على وتر الولاء،على عكس ما يحصل عندنا حيث أضعنا الخيط والعصفور ولم نعد نميز بين الهواية والاحتراف.
أن آخر قصص الاحتراف الداخلي مسلسل انتقال اللاعب الدولي مهدي كريم الى فريق اربيل وما رافقه من أحداث ومتغيرات سريعة كانت لكل خطوة فيها محسوبة ضمن سيناريو محبوك من الناحية الإخراجية لاسيما ان كريم لعب على حبال فريقي اربيل والطلبة بإجادة تامة ومهارة يحسد عليها كسرعته في اجتياز المدافعين ، والقصة بدأت من رغبته بانهاء تجربته الاحترافية التي قضاها في الملاعب القبرصية و القطرية والليبية التي كانت ناجحة في جميع المقاييس لامتلاكه المواصفات الفنية والبدنية والأخلاقية التي مكنته من النجاح في مهمته الاحترافية مع الفرق التي مثلها وأبرزها مع فريق الأهلي الليبي الذي طالما تغنت الجماهير باسمه ورددته من المدرجات وعدته الصحافة هناك واحدا من أفضل اللاعبين الأجانب الذين ارتدوا فانيلة الفريق الأخضر.
ان كريم شده الحنين للعب في الدوري المحلي وأجرى اتصالات للبحث عن العقد الدسم ، وبما انه تعلم أسرار دروس الاحتراف خارجيا ،عرف من أين تؤكل الكتف فعزف في بداية الأمر على نغمة تمثيل فريق اربيل لانه تنتظره مشاركة خارجية في دور الثمانية بكأس الاتحاد الآسيوي أمام الكويت الكويتي ، فضلا عن أن الادارة وفرت له جميع مستلزمات الراحة وتهيئة الأجواء المناسبة لتقديم أفضل ما لدية وأعلن أن التوقيع على كشوفات الفريق الأصفر ليست سوى مسألة وقت لا أكثر وانه وجد ضالته المنشودة .
وفي خطوة مفاجئة عاد مهدي كريم من كردستان الى بغداد وطرق أبواب نادي الطلبة فريقه الأم وخرجت تصريحاته في الصحف اليومية في اليوم التالي تمتدح أدارة النادي وما وفرت له في سبيل إكمال تعاقده مع الأنيق بيته الثاني وصاحب الفضل في انطلاقته الدولية والاحترافية ، وبعد التشاور مع راضي شنيشل مدرب الفريق تمت الموافقة على جميع شروط كريم وعلى قيادته للفريق في الموسم المقبل وعلى فقرات عقده المادية، وظن الجميع ان كريم سيرتدي فانيلة الطلاب وبات الجميع بانتظارالتوقيع الرسمي للأنيق، لكنه كان يمسك تفاحتين في يد واحدة حيث ان اتصالاته بادارة اربيل لم تنقطع طوال مباحاثاته مع فريق الطلبة، و كانت متواصلة لأجل زيادة مبلغ العقد الى الرقم الذي في مخيلة مهدي كريم ، واتضح ان مفاوضاته مع فريق الطلبة لضرب عصفورين بحجر واحد ، وبعد ارتفاع قيمة عقده وتحقيق مبتغاه اسرع بالتوقيع على كشوفات اربيل ضاربا عرض الطلاب ومحاولاتهم معه عرض الحائط وأعطى لادارة النادي درسا مفيدا سينفعهم في قادم الأيام يتلخص ان الولاء كلمة انتهى مفعولها وأصبحت (اكسباير) لا قيمة لها في عالم (البزنيس) والاتفاقات الجانبية حيث ان الجميع يبحث عن منافعه الشخصية ثم تأتي الاعتبارات الأخرى ،
وهذا حق مشروع بحدود عدم التجاوز على حقوق الآخرين واحترام مشاعرهم فنادي الطلبة لم يكن يتصور ان كريم كان يبيّت لهم شيئا او انه ينوي عدم التوقيع للنادي بعد ان وثقوا به لأخلاقه العالية ورغبة النادي بإكمال عملية التعاقد معه ، ان ما حصل كان فخا وقعت فيه ادارة الطلبة ومسلسلاً محبكاً من جميع جوانبه لاسيما ان الفائز في الموضوع اللاعب.
نحن ليس ضد انتقال مهدي كريم الى أي فريق يسعى الى تمثيله لان عودته الى الدوري المحلي مكسب كبير ومبادرة طيبة لعودة الطيور المهاجرة الى أعشاشها لاسيما بعد تحسن الظرف الأمني وارتفاع أقيام اللاعبين ، لكننا نريد منه قول الصدق دون رتوش والوضوح في التعامل مع الآخرين من منطق الحكمة والتروي وليس اللعب على الحبال والقفز على مشاعر الجماهير والتلاعب بها لاسيما ان مهدي كريم يعد من اللاعبين الذين يحظون باحترام ومحبة مدربيه في الداخل والخارج وكذلك من زملائه اللاعبين لكن سطوة المال لا سلطان عليها.
المصدر جريدة المدى عباس هادي الدجيلي