السيد محمد (ع) سبع الدجيل

من جواهر العترة الطاهرة..
السيد محمد (سبع الدجيل)

عندما تكون على مقربة من منطقة بلد التابعة لمحافظة صلاح الدين يلوح لنظرك قبّة زرقاء شامخة تضم تحتها مرقد غصن من الشجرة المحمدية المباركة وهو السيد محمد ابن الإمام علي الهادي (عليهما السلام)، معطياً رسالة لصوت الحق المدوي ومجسداً لفضائل الإسلام وقيمه النبيلة.
لم تقتصر المنازل العظيمة والكرامات بالأئمة المعصومين بل اتسعت لتشمل باقي غصون شجرتهم التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، من سار على نهجهم، فهذا السيد محمد الذي له من العلم والتقوى ما جعلاه مشعلاً يضيء الطريق لسالكيه، فهو (عليه السلام)، أكبر أبناء الإمام الهادي (عليه السلام)، وكان له من العلم والورع ما كان يظن الشيعة في ذلك الوقت أن الإمامة ستكون له بعد أبيه، لا إدعاءً منه ولكن لما لمسوه منه وقد يكون هذا الشيوع سبباً وراء اغتياله، ففي رواية أنه (عليه السلام) مات مسموماً، وليس ذلك ببعيد عن ثعابين بني العباس الذين كان ديدنهم بث السُم لآل البيت الأطهار (ع) وذريتهم.
كان المعروف عن المكان الذي دفن فيه السيد محمد ومنذ مئات السنين ببعده عن مناطق السكن، حيث كان المرقد في منطقة خالية من سواد الناس وقراهم، تحيط به صحراء مقفرة وخالية، وسبب تسمية المنطقة بالدجيل قديما نسبة الى نهر الدجيل والذي يمتد من شمال مدينة بلد وحتى جنوبها ليصل الى مدينة الدجيل الحالية، فكان العامل الديني هو المحفز على إحياء هذه المنطقة التي أصبحت تضج بالساكنين بعدما كانت صحراء مقفرة، بفضل مرقده الشريف.
لقبه
نقل في بعض المصادر أن الطريق الى سامراء في تلك الحقبة كان ملغوماً بقطاع الطرق واللصوص الذين كانوا يوقفون القوافل ويسلبون ما لديهم مما خفّ وزنه وغلا ثمنه، لاسيما الزائرين لمرقد السيد محمد، وذلك بسبب ضعف الأمن لدى الدولة العباسية، تذكر الروايات أن كرامات ظهرت لهذا السيد الجليل حيث شاهدوا لعدة مرات أسداً ضارياً يحوم حول المرقد الشريف وفي الأطراف، وكان هذا الأسد يقوم بدور حراسة الزائرين القادمين الى مرقد السيد محمد، لذا جاءت تسميته (سبع الدجيل)، وقد ورد ذلك في كتاب الخاصة والعامة، وقد ألحق هذا اللقب بالسيد نفسه، فمن كان يروم السفر الى تلك البقاع كان يفضل أن يتخذ من مرقد السيد محمد داراً للاستراحة لتوفر الاطمئنان الكامل من اللصوص وقطاع الطرق.
علميته
أما عن علميته، فقد كان (عليه السلام) منهلاً عذباً لرواد العلم من مختلف البلدان حتى اتسعت شهرته ورجع إليه البعيد والقريب في جميع ما كان يعتريهم من مشاكل ومسائل، ولا عجب في ذلك لعَلَوي نشأ في بيت العصمة والعلم، حيث ترعرع في هذا البيت الكريم وهو البيت الذي نشأ الإسلام فيه وتفرع منه الدين، حتى تّرفع نحو العُلا والكمال واستمد قيماً ومُثلاً عاليةً، ومنذ صغره كان على استعداد عالٍ لاكتساب المعالي من أبيه الإمام الهادي (عليه السلام).
وأما عن معجزاته؛ فله معجزات كثيرة في قضاء حوائج المؤمنين وما ذلك إلا لمكانته عند الله تعالى، فهو سليل الدوحة الطاهرة وصاحب (البراهين الساطعة والكرامات الباهرة والمعجزات المشهودة) كما ورد في زيارته (عليه السلام)، فهو صاحب المنزلة الرفيعة والجاه العظيم عند الله سبحانه وتعالى.
وفاته
لما بلغ الرابعة والثلاثين من عمره الشريف أصيب السيد محمد بمرض عضال مباغت ولم يمهله طويلاً حتى فارق الحياة في مكان قبره الشريف المبارك، ودفن فيه في أواخر جمادى الثانية سنة 252 هـ وقيل مات مسموماً شهيداً، ولا نستبعد ذلك لأنه كان أكبر أولاد الإمام الهادي (عليه السلام) وله مؤهلات عالية ظن الأعداء أنه سيكون الإمام من بعد أبيه (عليه السلام)، فسعوا إلى قطع هذا الطريق أمامه، علماً أن السلطة العباسية كانت آنذاك تراقب بحذر شديد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام)، ولهذا استدعت الإمام الهادي (عليه السلام) من مدينة جده رسول الله، إلى سامراء ليكون تحت أنظارهم، فكان منهج التصفية الجسدية متبعاً من قبل بني العباس وقد مورس مع آباء السيد محمد وأجداده بكل وضوح.
مكانته عند المعصومين
وعلى أي حال فقد بقي أبو جعفر (عليه السلام) أياماً يعاني السقم حتى ذبلت نضارة شبابه، وكان الإمام أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام) ملازماً له، وقد ضاقت به الهموم على أخيه الذي كان من أعزّ الناس عنده، ومن أخلصهم له، فضلاً عن كونه أخاه الأكبر.
وثقل حاله وفتك به المرض فتكاً ذريعاً، واشتد به النزع فأخذ يتلو آيات من الذكر الحكيم، ويمجد الله حتى صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها كما تصعد أرواح الأنبياء والأوصياء تحفها ملائكة الرحمن.
وتصدع قلب أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام)، وطافت به موجات من اللوعة والأسى والحسرات، وخرج وهو غارق بالبكاء والنحيب، وقام الإمام الهادي (عليه السلام) بتجهيز ولده أبا جعفر، فغسله وكفنه وصلى عليه، وحمل جثمانه الطاهر تحت هالة من التكبير تحف به موجات من البشر وهي تعدد فضائل أبي جعفر، وتذكر الخسارة الفادحة التي أصيب بها المسلمون، وجيء به إلى مقره الأخير فواراه فيه، وأقيم له مرقد هو من المراقد المقدسة في الإسلام، ففي كل لحظة لا يخلو من الزائرين، فقد صار منزلاً وملجأً لذوي الحاجات، وقد آمن الناس على اختلاف أفكارهم وميولهم ومذاهبهم على أنه ما توسل به أحد بإخلاص، وتشفع به إلى الله إلاّ وقضى الله حاجته، وأرجعه إلى أهله قرير العين.

والله ميقصر ابو جاسم اني وكعت بشدة وقصدتة وهسة الف الحمد لله والشكر
تسلم غريب

مشكور غريب على الموضوع تحياتي ...