قال لي الصباح.. من أنتَ..؟

قال لي الصباح.. من أنتَ..؟

مَنْ أنْتَ ؟

قَالَ الصُّبحُ عِنْدَ مَوقف البَاصَاتِ في غَبَشِ السُّحَابْ

فَتَنَهَّدَ القَلبُ الكَظِيمْ

وَتَطَايرَ الزَّمَنُ القَديمُ عَلى النَوافِذِ في اِكْتِئَابْ

فَانْدَاحَ في جَسَدِي الشُّجُونْ

واِنْسَلَّ فَوْقَ دَفَاتِري دَمْعٌ هَتُونْ

وَتَنَاهَتِ الصَّرَخَاتُ في أُذُنِي ،

وَقَالَ الآخَرُونْ:

دَعْهُ ،

فَمَا حَزِنَتْ سُحَابَه

في ظِلِّهِ ، يَوْمَاً ،

وَمَا بَكِيَّ النَّهَارُ

فِي ظِلِّ غَابَه.

دَعْهُ ،

فَهَذا اللَّيْلُ بَيْتَاً صَارَ

بَيتاً غَارِقاً فِي الظِّلِّ ،

رِيْحَاً تَنْسِجُ الأَقْدَارَ فِي عَجَلٍ ،

تُغَنِي حُزْنَنا ، تَبْنِي لَنَا قَبْراً وَدَارْ .

دَعْهُ ،

فَمَا حَزِنَتْ سُحَابَه

فِي ظِلِّهِ ، زَمَنَاً ،

وَ مَا طَرَقَ النَّهَارُ

أُفُقَاً بِغَابَه .

مَنْ أَنْتَ ؟

قَالَ الصُّبْحُ عِنْدَ مَحَطَّةِ البَاصَاتِ واِنْقَطَعَ الكَلامْ

واِنْسَابَتِ العَبَراتُ في عَجَلٍ ،

وَضَاقَ بيَّ المَقَامْ .

فتَفَيَّأَتْ في الظِّلٍّ حُزْنِي الأَتْربَه

وَبَكِى النَّهَارُ ،

عَلى جِرَاحِي المُرْعِبَه .

واِرْتَجَّتِ الأَيَّامُ فَوْقَ دَفَاتِري ،

دَمْعٌ هَتُونْ

وَتَنَاهَتِ الصَّرخَاتُ في أُذُنِي ،

وَقَالَ الآخَرُونْ:

دَعْه ،

فَكُلُّ جَوَارِحِ الدُّنِيَا ، تُقِيْمُ بِمُقْلَتِيْهِ

حُزْنٌ يَفِيضُ

وَطَنٌ تُعَانِقُهُ الكَآبه

والرَّاحِلونَ ، هُمُ الرُّوَاة

صَرَخَاتُهُ المُتَنَاثِراتْ

في الظِّلِّ ، في وَجَعِ الكِتَابَه .

يا صُبْحُ ، يا زَمَنَاً

تَخَبَّأَ في طُلُولِ الحُزْنِ في وَطَنِ الغَرابَه .

دَعْهُ ،

فَمَا حَزِنَتْ سُحَابَه

في ظِلِّهِ ، حِيْنَاً ،

وَ مَا جَالَ النَّهَارُ

لِوَحْدِه في ظِلِّ غَابَه .

مَنْ أَنْتَ ؟

قَالَ الصُّبْحُ في خَجَلٍ وَقَالْ:

مَنْ يَرْتَجِي في الحُبِّ بَيْتَاً خَاوِياً مُتَخَفِّيَّاً في يَوْمِ عِيدْ؟

وَطَنَاً يَبِيْتُ بِظِلِّهِ دَهْرَاً تُجَرْجِرُهُ المَتَاعِبُ كَالعَبيدْ؟

أَمْ أَنَّ مَا تَبْغِيهِ ،

أَنْ تَبْقَى تُعَانِقُ فُسْحَةً فِي العِشْقِ يَحْمِلُهَا البَرِيدْ!

والصُّبْحُ فِي غَبَشِ السُّحَابِ ،

يَصْغِي لِهَمْسِ الرَّاحِلينَ إلى الغِيَابْ

يَصْغَي لِصَمْتٍ كَانَ يَذْوي خَلْفَ طَيْفٍ ،

ضَاعَ فِي وَقَعِ الخُطَى

والصُّبْحُ فِي وَقَعِ الخُطَى

يَبْقَى يُرَدِّدُ فِي رَتَابَه:

"هَذَا أَنَا

أَصِلُ الغَرابَةَ بالغَرابَه " ([1])

والآخَرُونَ كَظِلِّهِمْ ، حَيْرى ، بِصَمْتٍ يَنْحَبُونَ:

" بَيْتٌ تَعَلَّقَ في سُحَابَه

وَقَصِيْدَةٌ فَقَدَتْ تَوَازنَهَا

وَضَاعَتْ فِي غِيَابَه."

والصَّمْتُ يَذْوي خَلْفَ حَافِلَةٍ ،

تَشِدُّ الأَتْرِبَه

وَعَلى نَوَافِذِهَا ، يَشِدُّ النَّازِحُونَ وجُوهَهَمْ

أَحْلامَ يَوْمٍ مُتْعِبَه.

يَتَدافَعُونَ كَحُزْنِهِمْ ، يَتَصَايَحُونَ بِصَمْتِهِمْ ،

فِي الحُلمِ ، قَدْ كَانُوا حُفَاةً ، يَدْلِفُونَ

كَطَيفِ عُرْسٍ قَدْ تَعَلَّقَ فِي العُيُونْ.

والصُّبْحُ عِنْدَ مَحَطَّةِ البَاصَاتِ ، فِي غَبَشِ السُّحَابْ

يَنْسَابُ فَوْقَ مَوَائِدَ المُتَأَخِّرِينَ

النَّازِحِينَ مِنَ الضَّوَاحِي ،

العَالقِينَ عَلى طِلالِ الأَتْرِبَه.

كَبِيُوتِهِمْ يِتَرَاجَفُونَ

يَذْوونَ فِي غُصَصِ الكَلامِ

والرِّيْحُ فِي أَلَقٍ حَزِينْ

تَصْغِي لِصَوْتٍ لا يُفَارِقُهُ الحَنِينْ:

مُلْقًى هُنَاكَ بِلا مَكَانْ

وَعَبَاءَتي وَطَنٌ

يَبِيْتُ عَلى جَوَانِبِهَا أَرِيْجُ الزَّعْفَرَانْ

والصُّبْحُ مُنْكَسِرٌ مُهَانْ

والصُّبْحُ ، ظَلَّ الصُّبْحُ شَاهِدَةً

عَلى وَطَنٍ يَضِيقُ بِهِ المَكَانْ.

فَتَطَايرَ النَّفَسُ الأَخِير

مَا بَيْنَ جِسْرِ الأَعْظَمِيَّةِ وَالمَقَابِرِ فِي الرَّصَافَه

وَتَوَقَّفَ القَلْبُ الكَظِيمْ

في الظِّلِّ فِي عَصْفِ الرِّيَاحْ

وَرِيَاحُ مَنْ أَهْوَى جِرَاحْ

مَنْ أَنْتَ؟

قَالَ الصَّمْتُ عِنْدَ مَحَطَّةِ البَاصَاتِ فِي غَبَشِ الصَّبَاحْ .

كلام حلووووووووووووووو

شكرا حــــــــــــــب على المرور الجميل